التخطي إلى المحتوى الرئيسي

انتقادات حادة.. قرار إحالة الموظفين للتقاعد المبكر سيف ذو حدين




المسألة لم تعد تحتمل المزيد من الهزل، ويبدو أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس ماض وبشكل غير مسبوق في إتمام انفصاله مع قطاع غزة مالياً، تزامناً مع وساطة لإنهاء القطيعة السياسية ولو جزئياً.
وجاء قرار الحكومة التي يقودها الدكتور رامي الحمدلله بإحالة موظفين من قطاع غزة إلى التقاعد المبكر، مخيباً لآمال الآلاف من الموظفين الذين استقطع ثلثي رواتبهم قبل ثلاثة أشهر بذريعة سياسة التقشف التي تتبعها السلطة، توطئة لبلوغ مرحلة التقاعد.
ويؤكد نقيب الموظفين العموميين في السلطة الفلسطينية بقطاع غزة عارف أبو جراد، أن قرار حكومة التوافق برام الله القاضي بتقاعد 6145 يشمل الموظفين العسكريين فقط وليس المدنيين، موضحاً أنه تم إرسال كشوفات المتقاعدين للهيئة العامة للتأمين والمعاشات.
وأوضح أبو جراد في حديث خاص لـ"وكالة نبأ برس"، أن الهيئة العامة للتأمين والمعاشات ستبلغ الموظفين العسكريين المتقاعدين ذلك لتسوية أوضاعهم المالية.
ويشمل قرار التقاعد جميع الموظفين العسكريين الذين بلغوا من العمر (50 عاماً) فما فوق، بشرط أن يكون لدى الموظف خدمة فعلية لأكثر من (15 عاماً) وفقاً لأبو جراد، الذي أوضح أن وزارة المالية بصدد إعداد كشوفات جديدة للموظفين من أجل انضمامهم  إجبارياً إلى قانون التقاعد المبكر.
ويبلغ عدد موظفي السلطة 156 ألف موظف؛ مدني وعسكري، منهم 62 ألفًا من غزة (26 ألف مدني، 36 ألف عسكري)، يتقاضون قرابة 54 مليون دولار شهريًا، وتبلغ نسبة غزة 40 في المائة من إجمالي الموظفين، بحسب بيانات صادرة عن وزارة المالية الفلسطينية.
وقررت حكومة التوافق اليوم، إحالة 6 آلاف و145 موظفًا في قطاع غزة إلى التقاعد المبكر.
وأوضح المتحدث الرسمي باسم الحكومة، يوسف المحمود، أن الإجراءات بحق غزة "مؤقتة ومرتبطة بتخلي حركة حماس عن الانقسام، ووقف كافة خطواتها في هذا الإطار والتي تقود إلى الانفصال".
وأقر مجلس وزراء التوافق الوطني، مشروع قانون التقاعد المبكر في الرابع من نيسان/ أبريل الماضي، ووقعه الرئيس محمود عباس، في 25 حزيران/ يونيو الماضي ليكون جاهزًا للتنفيذ.
وبين أبو جراد، أن نسبة 70% من الراتب التقاعدي للموظفين العسكريين ستكون وفقاً لفيشة الراتب لآخر 3 سنوات، وكذلك وفقًا لرتبته الحالية وليست المستحقة.
وعدّ نقيب الموظفين هذه الخطوة،  بالإنجاز الكبير للموظفين، عازياً ذلك إلى أن الموظف لم يحصل على راتب تقاعدي بنسبة 70% منذ قدوم السلطة، وذلك لأن قانون التقاعد العام المعمول به في الأراضي الفلسطينية ينص على حصول الموظف على ما نسبته 2% عن كل عام خدمة.
وقال أبو جراد: "لم تكمل السلطة الفلسطينية (35 عاماً) منذ قدومها حتى هذه اللحظة أي بمعنى أن الموظف الذي خدم لمدة (20 عاماً) سيتلقى فقط 40% كراتب تقاعدي، ولكن الحكومة منحته زيادة بنسبة 30%".
وعلى الرغم من تلك الزيادة، إلا أن أبو جراد وصف القرار  بالمجحف وذلك لأن الموظف لازال لديه قدرة على العطاء بنسبة كبيرة، مشيراً إلى أن إحالة الموظفين للتقاعد يعني تهميشهم،  محذرًا من أن تكون هذه الدفعة الأولى لإحالة كافة موظفي غزة للتقاعد.
ولفت أبو جراد إلى أن عدد من موظفي قطاع غزة العسكريين المتواجد في الضفة الغربية سيشملهم القرار، وسيتم إحالتهم للتقاعد، مبيناً أن النقابة لا تمتلك معلومات عن أعداد الموظفين الذين تم إحالتهم للتقاعد في الضفة الغربية.
وخلافاً لأبو جراد، فقد صرح المتحدث باسم حكومة التوافق الوطني طارق رشماوي في حديث مقتضب لـ نبأ برس، بأن قرار التقاعد الذي اتخذته الحكومة يشمل الموظفين المدنيين بغزة فقط دون الضفة الغربية.
وفي قراءة اقتصادية لتبعات قرار الحكومة، قال المختص في الشأن الاقتصادي معين رجب إن إحالة الموظفين للتقاعد بشكل إجباري يعني إلغاء الحالة الوظيفية لديهم.
وعلى الرغم من أن القرار يخفف من الأعباء المالية لموازنة السلطة وفق رجب، إلا أنه وعلى مستوى الاقتصاد الوطني سيشكل أزمة لأن الموظف في هذا السن ( 40 - 60 عاماً)،  تكون لديه رغبة للبحث عن عمل بديل، على ضوء امتلاكه طاقة يمكن أن يبذلها في الوقت الذي تكون فيه مخصصات التقاعد غير كافية للوفاء لاحتياجاته المعيشية.
وأوضح رجب في حديث خاص لـ"نبأ برس"، أن قرار التقاعد سيؤدي إلى تزاحم كبير على فرص العمل في السوق في الوقت الذي ترتفع فيه معدلات البطالة في قطاع غزة.
وبحسب مركز الإحصاء الفلسطيني، ووفقًا لمعايير منظمة العمل الدولية، فإن نسبة البطالة في قطاع غزة قد بلغت 41 في المائة، وبلغ عدد العاطلين عن العمل ما يزيد عن 200 ألف شخص خلال الربع الأول من عام 2017، حيث تعتبر معدلات البطالة في غزة الأعلى عالميًا.
ولا يعدو  قرار الحكومة سوى محاولة للتخلص من عبء الرواتب التي تندرج ضمن بند النفقات في الموازنة العامة وفق رجب، الذي أوضح أن وزارة المالية في السلطة تسعى إلى تقليص أعداد الموظفين لديها، وبالتالي تخفيض مخصصات الرواتب والأجور في جانب النفقات العامة، وذلك  لخفض العجز في الموازنة من خلال تحويلهم إلى هيئة التقاعد المنفصلة عن الموازنة العامة للحكومة برام الله.
واعتبر المختص في الشأن الاقتصادي أن صرف راتب المتقاعد العسكري بنسبة 70% وفقاً لرتبته الحالية وليست المستحقة إجحاف لحقوقه المالية، خاصة لدى موظفي السلطة بغزة، وأضاف :"لم يحصل موظفو السلطة العسكريون في غزة على كل ترقياتهم بسبب الانقسام، وبالتالي فإن إحالتهم للتقاعد يحرمهم من الحق المالي، أسوة بنظرائهم في الضفة الغربية".
ويأتي قرار الحكومة في أعقاب خطة وزير المالية والتخطيط في حكومة الحمد الله شكري بشارة، واستناداً للتفاهمات التي أجراها مع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي لإجراء السلطة تقشفات كبيرة في حجم الانفاق العام.
وسبق أن قال بشارة إن وزارته تركز على تخفيض النفقات العامة من خلال خفض فاتورة رواتب موظفي السلطة بنسبة 17%.
وذكر أن حكومة الحمد الله نجحت في تخفيض نسبة العجز من الناتج المحلي الإجمالي من 16.5% في عام 2013 إلى 5.6% في عام 2016، متوقعاً بناءً على نتائج الربع الأول من هذا العام عدم تجاوز العجز 4% في نهاية العام الجاري.
وكانت حكومة "التوافق الوطني" برئاسة رامي الحمد الله، قد أقدمت قبل 3 شهور على خصم أكثر من 30 في المائة من رواتب موظفي السلطة الفلسطينية في قطاع غزة، مبررة ذلك بأنه جاء سبب الحصار المفروض عليها، وأنه لن يطال الراتب الأساسي.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رئيس هيئة التقاعد: بدأنا بإجراءات تقاعد 6 آلاف عسكري ولم تصلنا كشوفات المدنيين